لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٢٠٢)}.
في هذه الآيات: نزولُ جبريل - عليه السلام - بهذا القرآن، بأمر من الرحمان، على رسول الأنام، عليه الصلاة والسلام، بلسان عربي مبين، ليكون نذيرًا للعالمين، وخبر هذا القرآن مذكور في كتب الأولين، ولو نزل على بعض الأعاجم ممن لا يحسن العربية فقرأه عليهم قراءة فصيحة لاتهموه بالسحر لفرط عنادهم، فهو لا يؤمنون حتى يروا العذاب المباغت الأليم.
فقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. قال قتادة: (هذا القرآن).
أي: أنزله الله تعالى عليك - يا محمَّد - وأوحاه إليك.
وقوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾. قال ابن عباس: (جبريل).
وقوله تعالى: ﴿عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾. قال ابن جرير: (يقول: نزل به الروح الأمين فتلاه عليك يا محمَّد، حتى وعيته بقلبك. يقول: لتكون من رسل الله الذين كانوا ينذرون من أُرسلوا إليه من قومهم، فتنذر بهذا التنزيل قومك المكذّبين بآيات الله).
وقوله تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾. قال القرطبي: (أي لئلا يقولوا لسنا نفهم ما تقول). وقال ابن كثير: (أي: هذا القرآن الذي أنزلناه إليك بلسانك العربيِّ الفَصِيح الكاملِ الشامل، ليكون بَيِّنًا واضحًا ظاهرًا، قاطِعًا للعُذر، مُقيمًا للحجَّة، دليلًا إلى المحجَّة).
وقوله تعالي: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾.
الزبر: الكتب، واحدها زبور، كما قال تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ﴾ [القمر: ٥٢]. أي: مكتوب في صُحف الملائكة. قال النسفي: (﴿وَإِنَّهُ﴾ وإن القرآن ﴿لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾ يعني ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية، وقيل إن معانيه فيها).
قلت: والبشارة بأحمد - ﷺ - وصفاته مذكورة في التوراة والإنجيل نحو ما هي في القرآن.