يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مُرَّة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبدِ شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مَنَافٍ أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا، غير أن لكم رحِمًا سَأَبُلُّها بِبِلالِها] (١).
الحديث الثالث: أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: [قام رسول الله - ﷺ - حين أنزل الله عز وجل: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ قال: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدِ مناف لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباسُ بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا صفيةُ عمةَ رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا فاطمةُ بنتَ محمَّد سليني ما شِئت لا أغني عنك من الله شيئًا] (٢). وله شاهد عند الترمذي من حديث أبي موسى الأشعري قال: [لما نزل: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾. وضع رسول الله - ﷺ - إصبعيه في أذنيه فرفع صوته فقال: "يا بني عبد مناف يا صباحاه"].
فكان الأمر بالبدء بالأهل والقرابة في الدعوة، فإن الأقارب والأرحام سند طبيعي للرجل، وصلة فطرية فطر الله الخلق عليها، فإن آمنوا كان ذلك قوة إلى قوة، ونورًا على نور، قد جمعوا بين قوة الإيمان ونور الإِسلام، وبين صلة القرابة والنسب وأُنس الأرحام.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: ٢٢].
٢ - وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦].
وفي صحيح مسلم عن قبيصة أن النبي - ﷺ - قال: [يا بني عبد مناف، يا بني عبد

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٠٤) - كتاب الإيمان، وأخرجه الترمذي (٣١٨٥)، والنسائيُّ (٦/ ٢٤٨)، وأخرجه أحمد (٢/ ٣٣٣). وانظر صحيح البخاري (٢٧٥٣) نحوه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٧١) - كتاب التفسير، وانظر صحيح مسلم (٢٠٦)، ح (٣٥٢)، ومسند أحمد (٢/ ٣٩٨)، (٢/ ٣٥٠). وانظر للشاهد صحيح الترمذي (٢٥٤٧).


الصفحة التالية
Icon