بالشهب فيزيدون الخبر بالكذب. قال مجاهد: (الشياطين ما سمعته ألقته على كلّ أفّاك كذّاب).
وفي صحيح السنة المطهرة من آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأوّل: أخرج البخاري عن عروة بن الزبير، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: [سألَ رسولَ الله - ﷺ - ناسٌ عن الكُهَّان، فقال: لَيْسَ بشيء. فقالوا: يا رسول الله إنَّهم يُحَدِّثوننا أحْيانًا بشيءٍ فيكون حقًّا، فقال رسول الله - ﷺ -: تلك الكلمةُ من الحق يَخْطَفُها الجِنِّيُ فَيُقِرُّها في أُذُنِ وَلِيِّهِ فيخلِطُون معها مئة كَذْبَةٍ] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري وأبو داود عن سفيان عن عمرو قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: إنَّ نبي الله - ﷺ - قال: [إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خُضْعانًا لقوله، كأنه سِلْسِلَةٌ على صَفْوان، حتى إذا فُزِّعَ عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحقَّ، وهو العَليُّ الكبير. فيسمعُها مُسترقو السمعِ، ومُسْتَرِقو السمع - هكذا بعضُهم فوق بعض - وَوَصَفَ سفيانُ بيَده فَحَرَفها، وبَدَّد بين أصابعه - فيسمَعُ الكلمةَ، فَيُلْقِيها إلى مَن تَحته، ثمَّ يلقيها الآخر إلى من تحتَه، حتى يُلقِيها على لسانِ السَّاحر - أو: الكاهن. فَرُبَّما أدركَهُ الشهابُ قبل أن يُلقيها، وربَّما ألقاها قبل أن يدرِكَهُ، فَيَكذِبُ معها مئة كذبة. فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكَذا كذا وكَذا؟ فَيُصَدَّقُ بتلك الكلمة التي سُمِعت من السماء] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -، عن النبي - ﷺ - قال: [الملائكةُ تحَدَّثُ في العَنانِ - والعَنانُ: الغمامُ - بالأمر يكون في الأرض فَتَسْمَعُ الشياطين الكلمةَ فَتَقُرُّهَا في آذان الكاهن كما تُقَرُّ القارورةُ فيزيدون معها مئة كِذْبَةٍ] (٣).
وفي رواية: تقول عائشة: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إنَّ الملائكة تنزلُ في العَنانِ - وهوَ السَّحاب - فَتَذْكُرُ الأمْرَ قُضِيَ في السَّماء، فَتَسْترِقُ الشياطين السَّمْعَ
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٠١)، وأبو داود (٣٩٨٩)، والترمذي (٣٢٢٣)، وأخرجه ابن ماجة في السنن (١٩٤)، وكذلك ابن حبَّان في صحيحه (٣٦).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري - (٣٢٨٨) - كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، وانظر للرواية الثانية (٣٢١٠) - كتاب بدء الخلق - باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم.