والمقصود: أي هذا القرآن هدى من الضلالة، وبشرى للمؤمنين برحمة الله ورضوانه.
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾.
أي: هذه البشرى للمؤمنين الموصوفين بإقامة الصلاة بأركانها وواجباتها وإتمام وضوئها وخشوعها والمحافظة على مواقيتها، وكذلك بإيتاء الزكاة المفروضة حسب أنواعها ومقاديرها، وهم موقنون برجوعهم إلى ربهم عز وجل في الدار الآخرة، راجون عفوه ومغفرته وكرمه.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ﴾.
قال الزجاج: (جعلنا جزاءهم على كفرهم أن زينا لهم ما هم فيه).
وعن ابن عباس: (﴿فَهُمْ يَعْمَهُونَ﴾: يتمادون). وقال قتادة: (يلعبون). وقال الحسن: (يتحيرون).
والمقصود: إن الذين يستبعدون البعث للحساب يوم القيامة، ويكذبون بوعد الله ووعيده في ذلك، حَسَّنّا لهم ما هم عليه من التيه والغرور، ومددنا لهم في غيِّهم فهم في ظلمات العمل يتيهون.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام: ١١٠].
٣ - وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [فاطر: ٨].
ومن كنوز صحيح السنة في آفاق معنى هذه الآية أحاديث:
الحديث الأوّل: أخرج الترمذي بسند صحيح عن أنس عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أراد