الله بعبده الخير عجلَ له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشَّر أمسك عنه بذنبه حتى يُوَافى به يوم القيامة] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد بسند قوي عن عقبة بن عامر مرفوعًا: [إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج. ثمَّ تلا: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤]] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم فيٍ الصحيح عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله لا يظلم مؤمنًا حَسَنةً، يُعطي بها في الدنيا ويَجْزي بها في الآخرة. وأما الكافر فيُطْعَمُ بحسنات ما عَمِلَ بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُجزى بها] (٣).
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾.
أي: هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة لهم عذاب الخزي في الدنيا والآخرة، ثمَّ هم في الآخرة أخسر من كل خاسر. قال القرطبي: (فإن من الناس من خسر الدنيا وربح الآخرة، وهؤلاء خسروا الآخرة بكفرهم فهم أخسر كل خاسر). وقال ابن كثير: (أي: ليس يخسر أنفسَهم وأموالَهم سِواهُم من أهل المحشر).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾.
قال قتادة: (﴿لَتُلَقَّى﴾، أي: لَتَأخذ). و ﴿لَدُنْ﴾ بمعنى عند، وهي مبنية غير معربة. فالمعنى: وإنك يا محمَّد ليلقى عليك هذا القرآن فتلقاه وتعلمه من عند حكيم بتدبير خلقه، عليم بمصالح عباده وجميع أحوال ما في ملكه.
٧ - ١٤. قوله تعالى: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ
(٢) حديث حسن. أخرجه أحمد (٤/ ١٤٥)، وابن جرير في "التفسير" (٧/ ١١٥)، وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (٤/ ١١٥): "رواه أحمد والطبراني والبيهقيُّ في "الشعب" بسند حسن". وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤١٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٠٨) ح (٥٧)، كتاب صفات المنافقين، ورواه أحمد.