العالمين). وقال: (﴿بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ﴾ يقول: قدس). قال: (كان نور رب العالمين في الشجرة. ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ قال: يعني الملائكة).
٢ - قال قتادة: (﴿بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ﴾: نور الله بورك). وقال مجاهد: (بوركت النار).
٣ - وقال محمَّد بن كعب: (﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ قال موسى النبي والملائكة).
قلت: والراجح عندي أنَّه لما جاء موسى النار التي آنسها نودي أن تقدس نور رب العالمين وبورك من حول النار: موسى والملائكة.
وقوله: ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. أي: وتنزيهًا لله رب العالمين، العلي العظيم، نور السماوات والأرض، الأحد الصمد الذي ليس كمثله شيء، عما يصفه الظالمون.
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى قال: [قام فينا رسول الله - ﷺ - بخمس كَلِماتٍ فقال: إن الله - عز وجل - لا ينام ولا ينبغي له أن ينامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويرفَعُه، يُرْفَعُ إليه عَمَلُ الليل قبل عمل النهار، وعَمَلُ النهار قبل عمل الليل، حجابُه النور - وفي رواية: النارُ - لو كشفه لأحْرقت سبحاتُ وجْهه ما انتهى إليه بصره من خلقه] (١).
وقوله تعالى: ﴿يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
إعلام منه سبحانه لموسى أن الذي يخاطبه ويناجيه إنما هو ربُّه الله العزيز في انتقامه من فرعون وأمثاله من الطغاة، الحكيم في ترتيب حياة أنبيائه والصالحين وفي تدبير كل أمور خلقه. ثمَّ أمره تعالى بإلقاء عصاه من يده ليريه دليلًا واضحًا على أنَّه القادر على كل شيء، فيهون عليه أمر فرعون وطغيانه.
وهو قوله تعالى: ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾.
قال ابن جريج: (﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ قال: حين تحولت حية تسعى).
وعن مجاهد: (﴿وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ قال: لم يرجع).
قال القاسمي: (﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ هو ضرب من الحيات، أسرعه حركة وأكثره اضطرابًا ﴿وَلَّى﴾ أي من الخوف ﴿مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ أي لم يرجع على عقبه من شدة