خوفه ﴿يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ أي لحفظي لهم وعنايتي بهم وعصمتي إياهم مما يؤذيهم. وفيه تبشير له باصطفائه بالرسالة والنبوة. وتشجيع له بنزع الخوف. إذ لا يتمكن من أداء الرسالة، ما لم يزل خوفه من المرسل إليه).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
استثناء منقطع، وفتح باب عظيم من أبواب الأمل بعد الزلل، فإن من وقع في المعصية ثمَّ تدارك أمره بالتوبة والإنابة يجد الله غفورًا رحيمًا.
قال الزمخشري: (يوشك أن يقصد بهذا، التعريض بما وجد من موسى. وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها، وسماه ظلمًا كما قال موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ [القصص: ١٦]).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: ٥٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١].
ومن السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأوّل: خَرَّجَ مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [من تاب قبل أن تطلع الشمسُ من مغربها تاب الله عليه] (١).
الحديث الثاني: روى مسلم عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: [إنَّ الله تعالى يبسط يدَهُ بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيءُ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البزار في مسنده بسند حسن لطرقه عن عبد الرحمن بن جُبَيْر، عن أبي طويل شطْب الممدود: [أنَّه أتى رسول الله - ﷺ - فقال: أرأيت رجلًا عمل
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٥٩)، كتاب التوبة. باب قبول التوبة من الذنوب، وإن تكررت الذنوب والتوبة، وانظر (٢٧٥٨).