بذكر المعجزة التي هي علم منطق الطير. والمنطق كل ما يصوت به من المفرد والمؤلف المفيد وغير المفيد، وكان سليمان عليه السلام يفهم منها كما يفهم بعضها من بعض). قال ابن جرير: (﴿وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ يقول: وأعطينا ووهب لنا من كل شيء من الخيرات).
وقوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾.
اعتراف من سليمان عليه الصلاة والسلام لله تعالى بهذه النعم الجليلة، وشكر منه له جل ثناؤه على تلك العطايا والمواهب الجميلة.
قال القاسمي: (﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ أي البين الظاهر. وهو قول وارد على سبيل الشكر والمحمدة. كما قال رسول الله - ﷺ -: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" (١) أي أقول هذا القول شكرًا، ولا أقوله فخرًا).
وقوله تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾.
قال ابن زيد: (يوزعون: يُساقون). وقال الحسن: (يتقدمون). وقال قتادة: (يردّ أولهم على آخرهم). وفضل ذلك ابن عباس بقوله: (جعل على كل صنف من يرد أولاها على أُخراها لئلا يتقدموا في المسير كما تصنع الملوك).
قال ابن كثير: (أي: وجُمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير. يعني رَكِبَ فيهم في أبهة وعظمة كبيرة، في الإنس وكانوا هم الذين يَلُونَه، والجنُّ بعدَهم في المنزلة، والطير ومنزلتها فوق رأسه، فإن كان حَرٌّ أظلته منه بأجنحتها.
وقوله: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾، أي: يكُفّ أولهم على آخرهم، لئلا يتقدَّم أحدٌ عن مَنْزِلَتِهِ التي هي مَرْتَبَةٌ له).
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ﴾. أي: حتى إذا أتى سليمان وجنوده أثناء المسير على وادي النمل ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: لا يكسرنكم ويقتلنكم سليمان وجنوده).
وقوله: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. أي: وهم لا يعلمون أنهم يحطمونكم. قال النسفي: (أي لو شعروا لم يفعلوا، قالت ذلك على وجه العذر واصفة سليمان وجنوده بالعدل).