فأمر بقريةِ النمل فَأُحرِقَت، فأوحى الله إليه، أن قرصَتْكَ نَمْلَةٌ أحرقْتَ أُمَّةً من الأمم تُسَبِّحُ الله؟ ] (١).
وفي رواية: [نزل نبيٌّ من الأنبياء عليه السلام تحت شجرة، فلدغَتْهُ نَمْلَةٌ، فأمَرَ بِجَهازِه فَأُخْرِجَ من تحتِها، وأمرَ بها فأُحرقت في النار، قال: فأوحى الله إليه: فهلّا نَمْلَةً واحدة].
وفي لفظ: [أفي أن قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أهلكت أُمّةً من الأمم تُسَبِّح].
٢٧ - ٣٥. قوله تعالى: ﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨) قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١) قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾.
في هذه الآيات: استقبالُ سليمان عليه السلام الخبر من الهدهد على وجه التثبت والتحقق قبل اتخاذ القرار، وإعطاؤه رسالة عاجلة منه إلى بلقيس يأمرهم بالخضوع لسلطانه القائم بأمر الله قبل أن لا ينفعهم الفرار. واستشارة بلقيس قومها محذرة لهم بأس الملوك وأبعاد هذا الإنذار، واستقرار الرأي منها على إرسال هدية لسليمان لاستخلاص ما يكون وراء ذلك من الأخبار.
فقوله تعالى: ﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾. أي: سنتحقق مما قلت أصِدْقٌ هو أم أردت أن تتخلّص بذلك الإخبار من الوعيد والعقاب.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ﴿قَالَ﴾ سليمان للهدهد ﴿سَنَنْظُرُ﴾ فيما

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٠١٩)، كتاب الجهاد والسير، وأخرجه مسلم (٢٢٤١)، ح (١٥٠)، كتاب السلام، باب النهي عن قتل النمل، ورواه أبو داود (٢٦٦)، والنسائيُّ: (٧/ ٢١٠ - ٢١١)، وابن ماجة (٣٢٢٥)، وأحمد (٢/ ٣١٣)، وابن حبَّان (٥٦١٤).


الصفحة التالية
Icon