قال النسفي: (أرادوا بالقوة قوة الأجساد والآلات، وبالبأس النجدة والبلاء في الحرب).
أي: قالوا لها: نحن أولو قوة في العدَدِ والعُدَدِ، وأولو بأس ونجدة وبلاء في الحرب كما تعلمين، وإنما أمر القتال أو الصلح مفوض إليك، فرأينا من رأيك، فانظري ما هو أبقى لشرفك وملكك.
وقوله: ﴿قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا﴾.
قال ابن عباس: (إذا دخلوها عنوة خرّبوها).
وقوله: ﴿وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾. قال ابن كثير: (أي: وقصدوا من فيها من الوُلاةِ والجنود فأهانوهم غاية الهوان، إما بالقتل أو بالأسر).
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾. قال ابن عباس: (قالت بِلْقيسُ: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾، قال الرب - عز وجل -: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾.
قال قتادة: (رَحِمَها الله ورَضِيَ عنها. ما كان أعقَلَها في إسلامها وفي شِرْكِها! عَلِمَت أن الهدية تقع مَوقعًا من الناس).
قال القرطبي: (﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ هذا من حسن نظرها وتدبيرها، أي إني أجرب هذا الرجل بهدية، وأعطيه فيها نفائس من الأموال، وَأُغْرِبُ عليه بأمور المملكة: فإن كان ملكًا دنياويًا أرضاه المال وعملنا معه بحسب ذلك، وإن كان نبيًّا لم يرضه المال ولازَمَنا في أمر الدِّين، فينبغي لنا أن نؤمن به ونتبعه على دينه).
٣٦ - ٤٠. قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (٣٧) قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ