وفي سنن ابن ماجة بإسناد صحيح عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: [ما أنعم الله تعالى على عبدٍ نعمة فقال: الحمد لله، إلا كان الذي أعطى أفضلَ مما أخذ] (١).
وله شاهد عن الطبراني بإسناد حسن من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - ﷺ - قال: [ما أنعم الله على عبدٍ نعمة فحِمَدَ الله عليها إلا كان ذلك الحمد أَفضَلَ من تلكَ النعمة].
٤١ - ٤٤. قوله تعالى: ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (٤١) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (٤٢) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (٤٣) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
في هذه الآيات: أمرُ سليمان جنده بتنكير عرش بلقيس ليختبر فطنتها، وإجابتها بقولها: ﴿كَأَنَّهُ هُوَ﴾ عند سؤاله لها عن عرشها، وقد فَضَّل الله سليمان بالعلم والقوة وأضعفها ودولتها بكفرها وقومها، فلما اختبرها بالصرح الممرد من قوارير ما ملكت إلا أن اعترفت بظلمها نفسها وأعلنت إسلامها.
فقوله تعالى: ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ﴾.
قال قتادة: (﴿نَكِّرُوا﴾: غيِّروا). وقال مجاهد: (﴿نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا﴾: غَيِّروه ﴿أَتَهْتَدِي﴾ أتعرفه).
قال ابن عباس: (وتنكير العرش، أنَّه زيد فيه ونقص). قال: (زيد في عرشها ونقص منه، لينظر إلى عقلها، فوُجدت ثابتة العقل).
وعن وهب بن منبه: (﴿أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ﴾: أي أتعقل، أم تكون من الذين لا يعقلون. ففعل ذلك لينظر أتعرفه، أو لا تعرفه).

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (٣٨٠٥)، كتاب الأدب، باب فضل الحامدين. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٠٦٧)، وكذلك للشاهد: صحيح الجامع (٥٤٣٨).


الصفحة التالية
Icon