عند الله). والمقصود: الله يقسم أيامكم وأعمالكم وأرزاقكم وأقداركم وليست معلقة على حركة طائر.
قال ابن جرير: (أي ما زجرتم من الطير لما يصيبكم من المكاره عند الله علمه، لا يُدرى أيُّ ذلك كائن، أم ما تظنون من المصائب أو المكاره، أم ما لا ترجونه من العافية والرجاء والمحاب).
وقوله: ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾. أي تختبرون وتمتحنون، وربما تُستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال. قال قتادة: (تُبْتَلون بالطاعةِ والمعصية).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾.
قال ابن عباس: (هم الذين عقروا الناقة (١) وقالوا حين عقروها: نبيت صالحًا وأهله فنقتلهم، ثم نقول لأولياء صالح: ما شهدنا من هذا شيئًا، وما لنا به علم. فدمرهم الله أجمعين).
والمقصود: أنه كان في مدينة ثمود تسعة نفر من طغاة ثمود ورؤوسهم، وأصحاب المكر والتكذيب فيهم، وقد انبعث أشقاهم لعقر الناقة، وهَمُّوا بقتل صالح كذلك، وكانوا أهل فساد وإفساد في البلاد.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾.
قال القاسمي: (أي ليحلف كل واحد منكم على موافقة الآخرين، بالله الذي هو أعظم المعبودين ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾ أي لنقتلنّهُ ليلًا. وقرئ بالتاء على خطاب بعضهم لبعض ﴿وَأَهْلَهُ﴾ أي من آمن معه. ﴿ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ﴾ أي الطالب ثأره علينا ﴿مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ﴾ أي ما حضرنا مكان هلاك الأهل، مع تفرقهم في الأماكن الكثيرة، فضلًا عن مكانه، فضلًا عن مباشرته ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ أي ونحلف إنا لصادقون. أو: والحال إنا لصادقون فيما ذكرنا).
وقوله تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.
قال ابن زيد: (احتالوا لأمرهم، واحتال الله لهم، مكروا بصالح مكرًا، ومكرنا بهم مكرًا ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ بمكرنا وشَعَرْنا بمكرهم).