قلت: وقد ثبت - لله تعالى - صفة المكر والكيد بالكافرين.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: ١٥، ١٦].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ٥٤].
ومن صحيح السنة المطهرة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الترمذي عن أنس عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أراد الله بعبده الخير عجلَ له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشّرَ أمسك عنه ذنبه حتى يُوافى به يوم القيامة] وسنده صحيح (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن عائشة، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق، إنْ نَسِيَ ذَكَّرَه، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعلَ له وزيرَ سوء، إن نسيَ لم يذكِّرْهُ، وإن ذكر لم يُعِنْهُ] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى عن النبي - ﷺ - قال: [إنّ الله تعالى ليُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفْلته] (٣).
وقوله تعالى: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
قال القرطبي: (أي بالصيحة التي أهلكتهم. وقد قيل: إن هلاك الكل كان بصيحة جبريل. والأظهر أن التسعة هلكوا بعذاب مفرد، ثم هلك الباقون بالصيحة والدمدمة).
وقوله: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾. أي فارغة ليس فيها منهم أحد، قد أبادهم الله فلا أثر لهم، وكان ذلك بظلمهم أنفسهم: بشركهم الله وتكذيب الرسل.
و﴿خَاوِيَةً﴾ بالنصب على الحال. أي خالية عن أهلها خرابًا ليس بها ساكن.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - حديث (٢٩٣٢) - كتاب الخراج والإمارة والفيء. باب في اتخاذ الوزير. وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم - (٢٥٤٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٦٨٦)، كتاب التفسير، وأخرجه مسلم (٢٥٨٣)، كتاب البر والصلة. باب تحريم الظلم.