والمقصود: أنه لا يقدر على ذلك الإنبات إلا الله الخالق الرازق، ومع ذلك يعبد المشركون أوثانًا لا تضر ولا تنفع، ولا تنبت ولا تطعم.
وقوله: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾. قال ابن كثير: (أي: أإلهٌ مع الله يُعُبَدُ وقد تبيّنَ لكم ولكلِّ ذي لُبٍّ مما يَعرفون به أيضًا أنه الخالق الرزاق؟ ! ومن المفسرين من يقول معنى قوله ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ فَعَلَ هذا؟. ثم قال في آخر الآية: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾، أي: يجعلون لله عدْلًا ونظيرًا).
وقوله: ﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا﴾. قال ابن جرير: (تستقرون عليها لا تميد بكم).
أي: من الذي جعل هذه الأرض التي تسكنون عليها قارّة ساكنة ثابتة لا تميد ولا تتأرجح، ولو جُعلت تهتز وترجف بأهلها كلما تحركوا على أرجائها لاستحالت الحياة وتعقّدت.
وقوله: ﴿وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا﴾ أي: وشَقّ في أرجائها أنهارًا طويلة وقصيرة، تعبر البلاد والأمصار، تسقي الأرض والبهائم والعباد.
وقوله: ﴿وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ﴾ - وهي ثوابت الجبال، تثبت الأرض من أن تميد بأهلها.
وقوله: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا﴾. قال ابن عباس: (سلطانًا من قدرته فلا هذا يغيّر ذاك، ولا ذاك يغيّر هذا، والحجز المنع).
والمقصود: جعل سبحانه حاجزًا بين المياه الحلوة العذبة والمياه المالحة ليتوازن العيش على هذه الأرض، فلا يزال يُستفاد من الماء العذب الزلال في الأنهار والبحيرات لسقي الحيوان والنبات والثمار. ولا يزالى الهواء عليلًا بانتشار تلك البحار والمحيطات المالحة فلا يفسد العيش.
وقوله: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾. قال القرطبي: (أي إذا ثبت أنه لا يقدر على هذا غيره فلم يعبدون ما لا يضر ولا ينفع).
وقوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. أي: دل أكثرهم جط هلون حق ربهم عز وجل وما يجب له من توحيد الإلهية.