وقوله: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ - توبيخ وتقريع. أي: أبعد كل ما ذكر تعبدون مع الله غيره. وهو الإله الحق الأحد الصمد المتفرد بالخلق والتدبير والإماتة والإحياء وكشف الضر وجلب الخير وبعث الأمل.
وقوله: ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾. قال ابن جرير: (يقول: تذكرًا قليلًا من عظمة الله وأياديه عندكم تذكرون، وتعتبرون حجج الله عليكم يسيرًا، فلذلك أشركتم بالله غيره في عبادته).
وقوله: ﴿أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾.
قال ابن جريج: (والظلمات في البر، ضلاله الطريق، والبحر، ضلاله طريقه وموجه وما يكون فيه).
والمقصود: مَنْ يهديكم إلى سبيل النجاة إذا تهتم في البر، أو ضللتم في ظلمات البحر وبين تلاطم أمواجه. أليس الله تعالى الذي جعل لكم من الدلائل السماوية والأرضية ما يرشدكم بها إذا أشرفتم على الضياع والهلاك.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [النحل: ١٦].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [الأنعام: ٩٧].
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وقد أخبر سبحانه في كتابه من منافع النجوم، فإنه يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وأخبر أنها زينة للسماء الدنيا، وأخبر أن الشياطين تُرجم بالنجوم).
وقوله: ﴿وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾.
قال ابن جريج: (يقول: والذي يرسل الرياح نُشُرًا (١) لموتان الأرض بين يدي رحمته، يعني: قدام الغيث الذي يحيى موات الأرض). قال ابن كثير: (أي: بين يدي السحاب الذي فيه مطرٌ، يغيثُ به عباده المجُدبينَ الآزِلين (٢) القنطين).
(٢) الأزْلُ: الضيق والشدة، وتأزّلَ: ضاق صدره.