عَمُونَ (٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٤) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥)}.
في هذه الآيات: انفرادُ الله تعالى بعلم الغيب، وجهل الكفار بالحق وشكهم في الآخرة، وتحذيرهم نزول نقمة الله بهم كما نزل بالأمم قبلهم، وتسلية للنبي - ﷺ - عما يلقاه من استهزاء قومه ومكرهم.
فقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - ﷺ -: ﴿قُل﴾ يا محمد لسائليك من المشركين عن الساعة متى هي قائمة ﴿لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ﴾ الذي قد استأثر الله بعلمه، وحجب عنه خلقه غيره، والساعة من ذلك ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ يقول: وما يدري من في السماوات والأرض من خلقه متى هم مبعوثون من قبورهم لقيام الساعة).
وقوله: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾ استثناء منقطع، أي: إن الله وحده هو المتفرد بعلم الغيب لا شريك له.
والخطاب وإن كان لمشركي مكة فهو عام لجميع الخلق أن يعلموا أن ربهم عز وجل قد أحاط بالغيب وحده، ولم يطلع أحدًا من خلقه على شيء منه إلا بما شاء.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ٣٤].