الحديث الثاني: روى مسلم في الصحيح عن عبد الله بن عَمْرو قال: حفظت من رسول الله - ﷺ - حديثًا لم أَنْسَهُ بعد: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إنَّ أَوَّلَ الآيات خروجًا طلوع الشمس من مَغْرِبها، وخروج الدابة على الناس ضحا، وأيتهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبًا] (١).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أنس بن مالك، عن رسول الله - ﷺ - قال: [بادروا بالأعمال سِتًّا: طلوعَ الشمس مِنْ مَغْربِها، والدُّخانَ، ودابَّةَ الأرض، والدَّجالَ، وخوَيْصَّةَ أحَدِكُمْ، وأمْرَ العامة] (٢).
والمقصود: المبادرة بصالح الأعمال لمواجهة هذه الفتن. "وخويصة أحدكم": يريد حادثة الموت التي تخص كل إنسان. وهي تصغير خاصة. وصغرت لاحتقارها في جانب ما بعدها من البعث والعرض والحساب وغير ذلك.
"وأمر العامة": أي بادروا بالاشتغال بالأعمال الصالحات، قبل أن يتوجه إليكم أمر العامة والرياسة، فيشغلكم عن العلم وصالح الأعمال.
٨٣ - ٨٦. قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)﴾.
في هذه الآيات: ذِكْرُ مشهد حشر الأمم يوم القيامة زمرة زمرة من المكذبين، حتى إذا اجتمعت أفواج الناس حسب راياتهم وما كانوا يعبدون، قال الله لهم: أكذبتم بآياتي أمّاذا كنتم تعملون، فوجب السخط والغضب من الله عليهم بما كانوا يكذبون، ألم يروا كيف أنعم الله عليهم بالليل ليسكنوا فيه والنهار لينتشروا فيه ولكن أكثرهم لا يؤمنون.
فعن مجاهد: (﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾ قال: زمرة زمرة). وعن ابن عباس:

(١) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (٢٠٥٣)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ١٠٦٣) لمزيد من التفصيل في أمر الدابة وعلامات الساعة وأشراطها.
(٢) حسن صحيح. أخرجه ابن ماجة (٤٠٥٦)، كتاب الفتن. انظر صحيح ابن ماجة (٣٢٧٩)، باب الآيات، والحديث أخرجه مسلم (٨/ ٢٠٨)، وأحمد (٢/ ٣٢٤)، والحاكم (٢/ ٥١١).


الصفحة التالية
Icon