(﴿مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ قال: يقول: فهم يدفعون). وقال ابن زيد: (يُساقون). وقال قتادة: (وَزَعَةٌ تردُّ أولهم على آخرهم).
والمقصود: إخبار عن يوم القيامة وحَشْر الظالمين المكذبين بآيات الله للسؤال والتوبيخ والتقريع والتصغير والتحقير ثم صِليّ النار جزاء بما كانوا يكسبون.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [التكوير: ٧].
٢ - وقال تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ [الصافات: ٢٢ - ٢٤].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: مَنْ كان يَعْبُدُ شيئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فيتَّبعُ مَنْ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشمسَ، ويتَّبعُ مَنْ يَعْبُدُ القمرَ القمرَ، ويتَّبعُ من يَعْبُدُ الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها.. ] الحديث (١).
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
أي: حتى إذا اجتمعت أفواج الناس وجماعاتهم حسب راياتهم وما كانوا يعبدون من دون الله قال الله لهم: ﴿أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي﴾ التي أنزلتها على رسلي، وأقمتها دلالة على توحيدي وإفرادي بالعبادة والتعظيم. ﴿وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا﴾. قال القرطبي: (أي ببطلانهما حتى تعرضوا عنها، بل كذبتم جاهلين غير مستدلين. ﴿أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ تقريع وتوبيخ، أي ماذا كنتم تعملون حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا بما فيها).
وقوله تعالى: ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ووجب السخط والغضب من الله على المكذبين بآياته ﴿بِمَا ظَلَمُوا﴾ يعني بتكذيبهم بآيات الله، يوم يحشرون ﴿فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ﴾ يقول: فهم لا ينطقون بحجة يدفعون بها عن أنفسهم عظيم ما حلّ بهم ووقع عليهم من القول).