وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
تنبيه على قدرته التامة، وهيمنته العامة، وعظيم سلطانه وجبروته.
قال ابن كثير: (﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ﴾ أي: فيه ظلام تسكُنُ بسببه حركاتُهم وتهدأُ أنفاسهم، ويستريحون من نَصَبِ التَّعب في نهارهم. ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾، أي: منيرًا مشرقًا، فبسبب ذلك يتصرَّفون في المعايش والمكاسب، والأسفار والتِّجارات، وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾).
٨٧ - ٩٠. قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (٨٨) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)﴾.
في هذه الآيات: تصويرُ الله الأحداث التي تسبق القيام بين يديه للحساب، من نفخة الفزع وحركة الجبال وهي تمر مرّ السحاب، ثم توضع الحسنات والسيئات على الميزان ليكون بعد ذلك الثواب والعقاب.
والنفخ في الصور على ثلاثة أنواع:
الأولى: نفخة الفزع. كما قال جل ثناؤه: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [النمل: ٨٧]،. أي: واذكر يا محمد أو ذكرهم يوم ينفخ في الصور فيفزعون من الخوف والحزن.
الثانية: نفخة الصعق. كما قال جل ذكره في سورة الزمر: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [الزمر: ٦٨].


الصفحة التالية
Icon