يروي البخاري عن ابن عباس: [قال في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ الصور. و ﴿الرَّاجِفَةُ﴾: النفخة الأولى. و ﴿الرَّادِفَةُ﴾: الثانية] (١).
والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين. كما قال سبحانه في تتمة آية الزمر: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨].
فبنفخة الصعق يموت الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من استثنى الله، ثم يقبض سبحانه أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولًا وهو الباقي آخرًا بالديمومة والبقاء، ويقول: "لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم" ثم يجيب نفسه بنفسه سبحانه فيقول: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أنا الذي كنت وحدي، وقد قهرت كل شيء، وحكصت بالفناء على كل شيء. ثم يحيي أول من يحيى إسرافيل ويأمره أن ينفخ في الصور نفخة أخرى وهي النفخة الثالثة نفخة البعث والقيام لرب العالمين ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾.
والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل. قال مجاهد: (كهيئة البوق). وقيل هو البوق بلغة أهل اليمن. وقد جاءت السنة الصحيحة بتفصيل تلك الأحداث في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [إنِّي مِنْ أَوَّلِ مَنْ يَرْفَعُ رأسَهُ بَعْدَ النفخة الآخِرة، فإذا أنا بموسى مُتَعَلِّقٌ بالعَرْشِ، فلا أدري أكذلك كان، أمْ بعد النفخة] (٢).
وفي رواية لمسلم: [فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أو بعث قبلي]. وفي لفظ: [فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة يوم الطور].
قال أهل العلم: (والصعق لتجلي الله لعباده إذا جاء لفصل القضاء، فموسى إن كان لم يصعق معهم يكون قد جوزي بصعقة يوم تجلى ربه للجبل فجعله دكًّا).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -:
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨١٣)، كتاب التفسير، ورواه مسلم (٧/ ١٠٠ - ١٠١)، وانظر مختصر صحيح مسلم (١٦١٢)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٧٢٨).