فقوله: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾.
قال ابن جرير: (﴿وَلَمَّا بَلَغَ﴾ موسى. ﴿أَشُدَّهُ﴾، يعني حان شدّة بدنه وقواه، وانتهى ذلكَ منه). قال مجاهد: (﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾: الفقه والعقل والعمل قبل النبوة). وقال ابن إسحاق: (آتاه الله حكمًا وعلمًا: فقهًا في دينهِ ودين آبائه، وعلمًا بما في دينهِ وشرائعهِ وحدوده). وقيل: النبوة.
قلت: والراجح أنه أوتي عند استوائه واشتداد قوتهِ ما يمهد لاستقبال النبوة والرسالة.
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
قال الزجاج: (جعل الله تعالى إيتاء العلم والحكمة مجازاة على الإحسان لأنهما يؤديان إلى الجنة التي هي جزاء المحسنين).
وقوله: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾. أي: من غير أن يشعروا بدخوله.
قال النسفي: (﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ﴾ أي مصر ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ حال من الفاعل، أي مختفيًا، وهو ما بين العشاءين أو وقت القائلة يعني انتصاف النهار. وقيل: لمّا شبّ وعقل أخذ يتكلم بالحق وينكر عليهم فأخافوه، فلا يدخل المدينة إلا على تغفل).
وقوله: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾.
قال قتادة: (أما الذي من شيعتهِ فمن بني إسرائيل، وأما الذي من عدوّه فقبطي من آل فرعون).
وقال ابن إسحاق: (﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ﴾ مسلم، وهذا من أهل دين فرعون كافر).
وقوله: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾.
قال ابن إسحاق: (وكان موسى قد أوتي بسطة في الخلق وشدّة في البطش، فغضب بعدوّهما فنازعه ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى﴾ وكزة قتله منها وهو لا يريد قتله).
قال مجاهد: (﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى﴾: بجمعِ كفهِ). قال ابن كثير: (فاستغاث الإسرائيلي بموسى عليهِ السلام، ووجد موسى فُرصةً، وَهِيَ غفلة الناس، فَعَمَدَ إلى القبطي ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ قال: أي: كان فيها حتفُه فمات).