رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢)}.
في هذه الآيات: تحذيرُ رجل - من شيعة موسى - موسى عليه السلام من مكر القومِ به، ناصحًا له بالخروج من المدينةِ، وخروج موسى على خوفٍ يرجو ربّه النجاة من القومِ الظالمين، وتوجّهُه إلى مدين بإذن الله السميع العليم.
فقوله: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾.
قال ابن عباس: (فأرسل فرعون الذَّباحين لقتل موسى، فأخذوا الطريق الأعظم، وهم لا يخافون أن يفوتهم، وكان رجل من شيعة موسى في أقصى المدينة، فاختصر طريقًا قريبًا، حتى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر). قال ابن كثير: (وصفه بالرُّجُوليَّةِ لأنه خالفَ الطريق، فسلك طريقًا أقرب من طريقِ الذين بُعثوا وراءه، فسبق إلى موسى، فقال له: يا موسى، ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾، أي: يتشاورون فيكَ ﴿لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾، أي: من البلد، ﴿إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾).
وقوله: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ قال قتادة: (خائفًا من قتله النفس يترقب الطلب).
وقال ابن زيد: (يترقب مخافة الطلب).
وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. قال ابن إسحاق: (ذُكر لي أنه خرج على وجهه خائفًا يترقب ما يدري أي وجه يسلك، وهو يقول: ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾).
وقوله: ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ﴾. قال ابن عباس: (خرج ولم يكن له علم بالطريق إلا حسن الظن بربه).
ومدين: قرية لم تكن في سلطان فرعون، بينها وبين مصر مسيرة ثمانية أيام.
وقوله: ﴿قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾. قال مجاهد: (الطريق إلى مدين).
وقال قتادة: (قصد السبيل). وقال الحسن: (الطريق المستقيم).
٢٣ - ٢٨. قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ