هاتين مقابل أن ترعى غنمي وتكونَ لي أجيرًا ثماني سنين، فإن رأيتَ زيادة سنتين تطوعًا منك فالأمرُ إليك.
وقوله: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾. قال ابن كثير: (أي: لا أشاقك، ولا أؤذيكَ، ولا أُمَاريك). وقال ابن جرير: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾ باشتراط الثماني الحجج عشرًا عليك). قلت: والراجح الأول، فهو أعم وأشمل، أي: وما أبتغي في معاملتكَ إيذاء ومشقة وضررًا يلحقُ بك.
وقوله: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قال ابن إسحاق: (أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت). قال النسفي: (ويجوز أن يرادَ الصلاح على العموم ويدخل تحته حسن المعاملة، والمراد باشتراطه مشيئة الله فيما وعد من الصلاح الاتكال على توفيقه فيه ومعونته لأنه إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ذلك).
قلت: وجعل المهر فائدة ترجع على الأب في التزويج خاص بهذه القصة وشرع لمن قبلنا، وإلا فالمهر حق المرأة مقابل استحلال فرجها.
قال تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤].
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي اللهُ عَنهُ: [أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله - ﷺ - وبه أثر صفرة، فسالهُ رسول الله - ﷺ - فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، قال: كم سقت إليها؟ قال: زِنَةَ نواة من ذهب. قال رسول الله - ﷺ -: أَوْلمْ ولو بشاة] (١).
وفي الصحيحين والسنن الأربعة عن سهل بن سعد قال: [إني لفي القوِم عند رسول الله - ﷺ - إذ قامت امرأة فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك، فرَ فيها رأيك. فلم يجبها شيئًا. ثم قامت فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لكَ، فرَ فيها رأيك. ثم قامت الثالثة فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيكَ. فقام رجل فقال: يا رسول الله، أنكحنيها، قال: هل عندكَ من شيء؟ قال: لا. قال: اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد، فذهب وطلب، ثم جاء فقال: ما وجدتُ شيئًا ولا خاتمًا من حديد.