الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٣٢)}.
في هذه الآيات: انقضاءُ المدةِ في خدمة موسى والد زوجته، ومسيره في طريق العودة إلى مصر، وتكليم الله له عند النار التي استأنس بها في الليل أثناء الطريق، وإظهار الله تعالى له الآيات التي تعينهُ في مهمته إلى فرعون وملئه.
فقوله: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ﴾. قال ابن عباس: (أتمهما وأخيرَهما). وقال: (قضى موسى آخر الأجلين). وقد مضى حديث ابن عباس وأبي ذر في ذلك.
وقوله: ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾. قال ابن جرير: (شاخصًا بهم إلى منزله من مصر).
وقوله: ﴿آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾. قال قتادة: (أي أحسست نارًا. أي: أبصر موسى في طريقه وأحسّ نارًا فقال لأهله: تمهّلوا وانتظروا، إني أبصرتُ نارًا.
قال ابن كثير: (كان موسى قد اشتاق إلى بلاده وأهله، فعزمَ على زيارتهم في خِفْيَةٍ مِنْ فِرعونَ وقَومِه، فتَحمَّلَ بأهله وما كانَ معه من الغنم التي وهبَها له صِهرُه، فسلكَ بهم في ليلةٍ مطيرة مظلمة باردة، فنزل منزلًا، فجعل كلما أورى زَنْدَه لا يُضيء شيئًا، فتعجَّب من ذلكَ، فبينما هو كذلكَ إذ ﴿آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾، أي: رأى نارًا تُضيءُ له على بُعْدٍ، ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾، أي: حتى أذهبَ إليها، ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَر﴾. ودْلك لأنه كان قد أضلَّ الطريق، ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ﴾، أي: قِطعة منها، ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾، أي: تتدفؤون بها من البرد).
وعن ابن عباس: ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ يقول: شهاب). قال قتادة: (والجذوة: أصل شجرة فيها نار). قال: ﴿أَوْ جَذْوَةٍ﴾: أو شُعلة من النار).
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾. قال ابن جرير: (يقول: لعلكم تسخنون بها من البرد، وكان في شتاء).