لتنقذ أمتكَ بهذا الوحي المُثْبِتِ لصدقكَ بما فيه من صحيح الأخبار عن الأمم قبلك، لعلهم ينتفعون بالذكرَى وينجون في الآخرة.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
أي: إنما بعثناكَ -يا محمد- بالرسالة إلى قومكَ لإقامة الحجةِ عليهم إعذارًا وإنذارًا، فإذا نزل بهم أمر الله بعقاب أو مصيبة كان ذلكَ بما قدمت أيديهم، سنةُ الله تعالى في جميعِ الأمم.
وفي التنزيل نحو ذلكَ:
١ - قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة: ١٩].
٣ - وقال تعالى: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ [الأنعام: ١٥٦ - ١٥٧].
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى قال: قال رسول الله - ﷺ -: [مَثَلي وَمَثَلُ ما بعثني الله كمثل رَجُلٍ أتى قومًا فقال: رأيتُ الجيش بِعَيْنَيَّ، وإني أنا النذير العُريانُ، فالنَّجاءَ النَّجاءَ. فاطاعهُ طائفةٌ فأَدْلجوا على مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وكَذَّبَتْهُ طائفةٌ فَصَبَّحهُم الجيشُ فاجْتَاحهم] (١). وفي رواية: [فذلكَ مثلُ من أطاعني فاتبعَ ما جئت بهِ، ومثلُ من عصاني وكذّب بما جئتُ به من الحق] (٢).
٤٨ - ٥١. قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِىَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧٢٨٣) - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة. باب: الاقتداء بسنن رسول الله - ﷺ -، في ختامِ نحو الحديث السابق.