والمقصود: ولقد وصلنا -يا محمد- هذا الحق إلى قريش ليكون عليهم حجة وبيانًا مبينًا.
أخرج الطبراني في "الكبير"، وابن جرير في التفسير، بسند صحيح عن يحيى بن جعدة، عن رِفاعَةَ القَرَظِيّ، قال: [نزلت هذه الآية في عشرةٍ أنا أحدهم: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾] (١).
ورواه ابن جرير من طريق آخر -بعد روايته عن ابن عباس: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ قال يعني محمدًا - ﷺ - ثم قال ابن جرير: (فكأن ابن عباس أراد بقوله يعني محمدًا، لعلهم يتذكرون عهد الله في محمد إليهم، فيقرّون بنبوته ويصدقونه).
٥٢ - ٥٥. قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (٥٥)﴾.
في هذه الآيات: ثناءُ الله تعالى على المؤمنين من أهل الكتاب آمنوا بنبيّهم وآمنوا بمحمد صلوات الله وسلامهُ عليهما وعلى المرسلين أجمعين، فأولئك يؤتون أجرهم مرتين، ثم هم يدفعون بحسنات أفعالهم سيئاتهم ومما رزقهم ربهم ينفقون، ويعرضون عن اللغو وأماكنه وعن مصاحبة الجاهلين.
فقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾.
قال ابن عباس: (يعني من آمن بمحمد - ﷺ - من أهل الكتاب). وقال مجاهد: (هم مُسْلِمةُ أهل الكتاب).
والمقصود: إخبار عن العُلماء الأولياء من أهل الكتاب أنهم يؤمنون بالقرآن كما آمنوا بكتابهم.

(١) إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير في "التفسير" (٢٧٥٠٤)، (٢٧٥٠٥)، وكذلكَ ذكره الهيثمي في "المجمع"، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات. وانظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول"- الوادعي- سورة القصص- آية (٥١).


الصفحة التالية
Icon