وقوله: ﴿وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: وإذا يُتلى هذا القرآن على الذين آتيناهم الكتاب من قبل نزول هذا القرآن ﴿قَالُوا آمَنَّا بِهِ﴾ يقول: يقولون: صدّقنا به ﴿إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا﴾ يعني من عند ربنا نزل).
وقوله: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾. قال ابن زيد: (على دين عيسى). والمقصود قولهم: إنه من قبل هذا القرآن كنّا مسلمين. أي: مُوَحِّدين مخلصين لله مستجيبين له.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾.
قال ابن زيد: (فلما جاء النبي - ﷺ - أسلموا، فكان لهم أجرهم مرتين: بما صبروا أول مرّة، ودخلوا مع النبي - ﷺ - في الإسلام). قال ابن كثير: (أي: هؤلاء المتصفون بهذه الصفة الذين آمنوا بالكتاب الأول ثم بالثاني ﴿يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾ بإيمانهم بالرسول الأول ثم الثاني. ولهذا قال: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾، أي: على اتباع الحقّ، فإنَّ تَجَشُّمَ مثل هذا شديد على النفوس). وقال القرطبي: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ عام في صبرهم على ملتهم، ثم على هذه وعلى الأذى الذي يلقونه من الكفار وغير ذلك).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: ١٩٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [البقرة: ١٢١].
٣ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٨].
٤ - وقال تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٢ - ٨٣].
٥ - وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: ٤].