قال: [قال الله عزَّ وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عَمِلَ لِي عملًا أشركَ فيه غيري، فأنا منه بريءٌ. وهو للذي أشرك] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾.
أي: وقيل نادوا شركاءكم اليوم ليخلصوكم من هذا المأزق وينقذوكم مما أنتم قادمون عليه من العذاب، فدعوهم كما كانوا يدعونهم في الدنيا فلم يجيبوهم، ومحاينوا العذاب وودّوا أنهم كانوا في الدنيا مهتدين للحق متبعين سبيل الرسل.
وقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾.
قال ابن جُريج: (قال: بلا إله إلا الله، التوحيد).
قال ابن كثير: (النداء الأول عن سؤال التوحيد، وهذا فيه إثبات النبوَّات: ماذا كانَ جوابكم للمرسلين إليكم؟ وكيف كان حالُكم معهم؟ ).
قلت: وكُلُّ مَنْ مات بعد خاتم النبيين، محمد عليه وعلى المرسلين أفضل الصلاة والتسليم، فإنه يُسأل عنه صراحة إذا نزل في قبرهِ بعد سؤالهِ عن التوحيد: عن ربه ودينهِ. وفي ذلكَ أحاديث:
الحديث الأول: أخرج أحمد وأبو داود والحاكم بسند صحيح من حديث البراء مرفوعًا قال: أفيأتيهِ ملكان شديدا الانتهار، فينتهرانه ويجلسانهِ فيقولان له: من ربك؟ ميقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينكَ؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - ﷺ -، فيقولان لهُ: وما عملك؟ فيقول: قرأتُ كتاب الله، فآمنتُ بهِ، وصدقت] (٢).
وأما الفاجرُ والكافر: [فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه، هاه -لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه- لا أدري، فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمهِ، فيقال: محمد! فيقول: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون ذاك! فيقال: لا دريت ولا تلوت].
(٢) حديث صحيح. أخر جه أحمد (٤/ ٢٨٧)، وأبو داود (٢/ ٢٨١)، والنسائي (١/ ٢٨٢)، وابن ماجة (١/ ٤٦٩)، والحاكم (١/ ٣٧ - ٤٠)، وانظر: "أحكام الجنائز" (١٥٩).