بِدْعَةً فَعُملَ بها، كان عليه أوزار مَنْ عَمِلَ بها لا ينقصُ مِنْ أوزارِ مَنْ عَمِلَ بها شيئًا] (١).
وقوله: ﴿وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾.
قال ابن جرير: (وليسألن يوم القيامة عما كانوا يكذبونهم في الدنيا بوعدهم إياهم الأباطيل، وقيلهم لهم: اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم فيفترون الكذب بذلك).
١٤ - ١٥. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (١٥)﴾.
في هذه الآيات: إرسالُ الله تعالى نبيّه نوحًا - ﷺ - إلى قومه لينذرهم طيلة ألف سنة إلا خمسين عامًا وهم يصرون على كفرهم حتى أخذهم الطوفان وهم ظالمون. وكتب الله النجاة في السفينة للمؤمنين وجعلها آية للعالمين.
فقوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾.
تسليةٌ من الله تعالى لرسوله - ﷺ - عما يلقاه من أذى قومه وتكذيبهم، فهذا نوح - عليه الصلاة والسلام - قبله مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ونبذ ما هم عليه من الجاهلية والوثنية والكبر، ثم ما آمن معه إلا قليل.
قال ابن عباس: (بُعِثَ نوحٌ وهو لأربعين سنة، ولبث في قومه ألفَ سنة إلا خمسين عامًا، وعاش بعد الطوفان ستين عامًا، حتى كَثُر الناسُ وفَشُوا).
فإنه قد كَثُرَ الجهلُ وانتشر الشركُ قُبيل بعثة نوح - ﷺ -، وبَعُدَ العهدُ بالنبوة على الناس بعد آدم عليه الصلاة والسلام، فاحتاج الأمر لجهاد طويل في طريق دعوة الناس ومحاولة إنقاذهم من عذاب الله.
أخرج الحاكم بسند صحيح عن أبي أمامة مرفوعًا إلى النبي - ﷺ - قال: [كان بين آدمَ ونوحٍ عشرَةُ قرونٍ، وبينَ نوحٍ وإبراهيمَ عشَرةُ قرون] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٢/ ٢٦٢)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٨/ ١٣٩ - ١٤٠)، =