في الأرض شِرارُ أَهْلِها، تلفِظُهم أرضُوهم، تقذُرهم نَفْسُ الله، وتحشُرُهم النار مع القردة والخنازير] (١).
ووجه الجمع بين قوله إبراهيم لسارة: "ليس على وجه الأرض مؤمن غيرك وغيري، فأنت أختي في الدين" - حين عرض لها الطاغية، وإيمان لوط في ذلك الزمان أن المراد - والله أعلم - ليس على وجه الأرض زوجان على الإِسلام غيري وغيرك، أو المقصود ليس على وجه تلك الأرض زوجان على الإِسلام غيري وغيرك، أو المقصود ليس على وجه تلك الأرض التي مرّا عليها، أو المراد ذلك على التغليب، وإلا فإن لوطًا عليه الصلاة والسلام آمن به من قومه، وهاجرَ معه إلى بلاد الشام، ثم أرسله الله في حياة الخليل إلى أهل "سَدُوم" وإقليمها، فكان من أمرهم انتشار تلك الفاحشة الخبيثة حتى قلب الله عليهم قريتهم وجعل عاليها سافلها.
وقوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. أي: العزيز في نصرة رسله والمؤمنين، وفي انتقامه من أعدائه المجرمين، الحكيم في أقواله وأفعاله وقدره وشرعه.
وقوله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾.
إخبار عن هديته -تعالى- الكبرى لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، لما فارق قومه واعتزلهم في عبادتهم، فأكرمه في غربته أن جعل النبوة في ذريته، والكتب المنزلة ترافق بعثتهم. كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩)﴾ [مريم: ٤٩].
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - ﷺ - أنه قال: [الكريمُ ابنُ الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يُوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بن إبراهيم عليهم السلام] (٢).
والخلاصة: إن شجرة الأنبياء جميعها تنبعث في أصلها من إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فجميع أنبياء بني إسرائيل من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، حتى
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٣٨٢) -كتاب أحاديث الأنبياء، وانظر كذلك (٣٣٩٠)، وكذلك (٤٦٨٨) -كتاب التفسير، ورواه مسلم وغيره من أهل السنن.