كان آخرهم عيسى بن مريم -الذي بشر بخاتم النبيين محمد - ﷺ -، وهو الوحيد من سلالة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام - وجميع الكتب التوراة والإنجيل والزبور والفوقان رافقت تلك الذرية المباركة. فالمراد بقوله: ﴿وَالْكِتَابَ﴾ جنس ذلك، أي: من الكتب المشار إليها.
وقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾. قال مجاهد: (الثناء). وقال ابن عباس: (الولد الصالح والثناء). أو قال: (الذكر الحسن). وقال عكرمة: (أجره في الدنيا أن كل ملة تتولاه، وهو عند الله من الصالحين).
وعن قتادة: (﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ قال: عافية وعملًا صالحًا، وثناء حَسَنًا، فلست بلاق أحدًا من الملل إلا يرى إبراهيم ويتولاه).
والخلاصة: لقد أبقى الله تعالى لإبراهيم - عليه السلام - الثناء الحسن في الأرض، والصلاة عليه إلى آخر الدهر، ومحبة أهل الملل له، واستمرار الذرية الصالحة في عقبه.
وقوله: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾. قال الحسن: (أي من أهل الجنة).
قال ابن جرير: (﴿إِنَّهُ﴾ مع ذلك ﴿فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ فله هناك أيضًا جزاء الصالحين، غير منتقص حَظُّه بما أعطي في الدنيا من الأجر على بلائه في الله، عَمَّا له عنده في الآخرة).
٢٨ - ٣٠. قوله تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠)﴾.
في هذه الآيات: يقول تعالى لنبيه محمد - ﷺ -: واذكر يا محمد لوطًا إذ حذر قومه مغبة الفاحشة التي كانوا عليها من إتيان المذكور دون النساء ولم يسبقهم إليها أحد من العالمين، ومقابلة قومه له بالتكذيب والإصرار واستعجال العذاب حتى لجأ إلى الله طالبًا النصر على القوم المفسدين.


الصفحة التالية
Icon