فقوله تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾.
قال عمرو بن دينار: (ما نزا ذكَرٌ على ذكر حتى كان قوم لوط).
وقوله: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾.
أي: إنهم جمعوا بين منكرات كثيرة، من كفر بالله وتكذيب لرسوله، وقطع للطرق على المسافرين يبتزّونهم للفاحشة ويقتلونهم ويأخذون أموالهم، ويفعلون ما لا يليق فعله في مجالسهم من مجاهرة بالمنكر وتضارُطٍ وتضاحك خبيث وتكشُّفٍ مَشين.
فعن ابن زيد: (﴿وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ قال: السبيل: الطريق. المسافر إذا مرَّ بهم، وهو ابن السبيل قطعوا به، وعملوا به ذلك العمل الخبيث).
وعن عكرمة: (﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ قال: كانوا يُؤذون أهل الطريق يحذفون من مرَّ بهم). وقال مجاهد: (كان يجامع بعضهم بعضًا في المجالس). وقال ابن زيد: (ناديهم المجالس، والمنكر: عملهم الخبيث الذي كانوا يعملونه، كانوا يعترضون بالراكب فيأخذونه ويركبونه). وذكر ابن جرير بسنده عن عروة بن الزبير، عن عائشة في قوله: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ قال: (الضراط). قيل: كانوا يتضارطون ويضحكون.
قلت: والآية بعمومها تشمل جميع أنواع المنكرات التي ذُكِرَتْ، وغير ذلك مما لم يُذكر، وتدلّ أنّ قوم لوط جمعوا من الخبائث ألوانًا شتى وأصزوا عليها متكبرين مستهزئين بالعذاب مطالبين به تهكّمًا، وهو قوله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾.
لجوءٌ صحيح من لوط - ﷺ - إلى ربه حين استعصى عليه قومه، وأَصَرُّوا على بَغْيهم وكفرهم وفجورهم، فاستنصر ربه عَزَّ وَجَلَّ عليهم.
٣١ - ٣٥. قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (٣١) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٢) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ