رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٣) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥)}.
في هذه الآيات: بثُّ الملائكة البشرى لإبراهيم عليه السلام بولد صالح وبإهلاك القوم الظالمين، ووصول الرسل إلى لوط وضيقه وخوفه عليهم حتى بشروه بهلاك القوم المفسدين، لتبقى قصتهم آية لقوم يعقلون.
فقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾.
أي: جمعوا له بين البشارة بولد صالح وبين إهلاك قوم لوط الذين أصروا على الظلم من كفر ومعصية.
قال ابن كثير: (لما استنْصَرَ لوطٌ -عليه السلام- الله عليهم، بعثَ الله لِنُصْرَتِه ملائكةً فَمَرُّوا على إبراهيم - عليه السلام - في هيئة أضياف، فجاءهم بما يَنْبغي لِلضَّيفِ، فلما رأى أنه لا هِمَّةَ لهم إلى الطعام نَكِرَهُم وأوجسَ منهم خيفة، فَشَرَعوا يؤانسونه ويُبَشِّرونه بوجود ولدٍ صالحٍ من امرأته سارَّة -وكانت حاضرة- فتعجَّبَت من ذلك. قال: فلما جاءت إبراهيم البُشرى، وأخبروه بأنهم أُرسِلوا لهلاكِ قوم لوطٍ، أخذَ يدافِعُ لعلهم يُنْظرون، لعل الله أن يَهديهم. ولما قالوا: ﴿إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾، ﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾، أي: من الهالكين؛ لأنها كانت تُمالِئُهم على كُفْرهم وبَغْيِهم ودَبْرِهِم).
وقوله: ﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾.
قال قتادة: (ضاق ذرعه بضيافتهم لِما علم من خُبث فعل قومه). أو قال: (﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ بالضيافة مخافة عليهم مما يعلم من شرّ قومه).
والمقصود: أنه لما سارت الملائكة من عند إبراهيم متوجهين إلى لوط -عليهما السلام- وَرَدُوا عليه في صورة شبابٍ حسان فلما رآهم اغتَمَّ بأمرهم فإن أضافهم خشي