عليهم مكر قومه، وإن لم يضفهم خاف عليهم اعتداءهم، ولم يعرف حقيقة أمرهم بعد.
وقوله: ﴿وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: قالت الرسل للوط: لا تخف علينا أن يصل إلينا قومك، ولا تحزن مما أخبرناك من أنّا مهلكوهم. وذلك أن الرسل قالت لهْ: ﴿يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: ٨١]. ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ﴾ من العذاب الذي هو نازل بقومك ﴿وَأَهْلَكَ﴾ يقول: ومنجو أهلَك معك ﴿إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ فإنها هالكة فيمن يهلك من قومها، كانت من الباقين الذين طالت أعمارهم).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾.
أي: إنا منزلون -يا لوط- على أهل هذه القرية -سدوم- عذابًا من السماء بما كانوا يستهترون بركوبهم الفواحش وإصرارهم عليها.
لقد اقتلع جبريل عليه السلام قراهم من قرار الأرض فرفعها إلى عنان السماء ثم قلبها عليهم. وأتبعهم الله حجارة من سجيل منضود. مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
قال مجاهد: (عبرة). وقال قتادة: (هي الحجارة التي أمطرت عليهم).
قال القاسمي: (﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ يعني قصتها العجيبة، أو آثارها الخربة).
قال تعالى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات: ١٣٧ - ١٣٨].
٣٦ - ٤٠. قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٣٧) وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ