قوم يذكرون الله إلا حَفَّتْ بهم الملائِكَةُ، وغَشيتهم الرحمةُ، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده] (١).
منهاج الذكر كما جاء في الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة:
وهنا فائدة جليلة: لما أفادت الآية السابقة أن ذكر الله أجل الأعمال، كان من الواجب على العباد الاعتناء بآداب ذكرهم لله تعالى ولزومهم لهدي نبيّه - ﷺ - ومنهاجه في ذلك:
أ - مجالس الذكر هي مجالس العلم.
جاء في "المدخل" لابن الحاج "١/ ٨٦ - ٨٧": (قال علماؤنا -رحمهم الله-: الذكر والمجالس المذكورة في هذه الأحاديث مجالس العلم، وهي مجالس الحلال والحرام، هل يجوز أو لا يجوز، كيف يتوضأ، وما يجب عليه، ويسن ويستحب، ويكره ويمنع، وكيف يصلي، وكيف ينكح، وكيف يبيع ويشتري، إلى غير ذلك، حتى الحركات والسكنات، والنطق والصمت).
وجاء فيه " ١/ ٨٩ - ٩٠": (وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "كم من قارئٍ يقرأ القرآن والقرآن يلعنه، يقرأ: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨] وهو ظالم).
وقد قال ابن بطال (٢) في شرح البخاري عن العلماء أنهم قالوا: (الأحاديث الواردة عن النبي - ﷺ - يحتاج فيها إلى معرفة تلقي الصحابة رضي الله عنهم لها. كيف تلقوها عن صاحب الشريعة - ﷺ - فإنهم أعرف بالمقال، وأفقه بالحال).
ب - عدم رفع الصوت عند الذكر.
قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (٢٠٥)﴾ [الأعراف: ٢٠٥].
قال قيس بن عُباد (٣): (كان أصحاب رسول الله - ﷺ - يكرهون رفع الصوت عند
(٢) هو علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال أبو الحسن القرطبي عالم بالحديث شرَحَ صحيح البخاري. توفي سنة (٤٤٩ هـ) رحمه الله تعالى.
(٣) هو قيس بن عُبَاد الضُبَعي أبو عبد الله البصري، ثقةٌ مخضرم. مات بعد الثمانين -رحمه الله تعالى-.