وقوله تعالى: ﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾.
أي: قياسًا على السنن الماضية في الأمم السالفة، لا يتوقع سلوك هؤلاء مع رسولهم بغير ما قابل الأوائل أنبياءهم لما رأوا الآيات، لقد قابلوهم بالتكذيب والتنطع والعناد حتى نزل بهم الهلاك والعذاب، وهذا ما يبدو من هؤلاء كذلك.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ [الذاريات: ٥٢ - ٥٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: ٩٦ - ٩٧].
٣ - وقال تعالى: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ﴾ [هود: ١٠٩].
ومن كنوز صحيح السنة في ذلك:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه، وأحمد في مسنده، عن أبي سعيد، عن النبي - ﷺ - قال: [يجيء نوحٌ وأُمَّتُه، فيقول الله: هل بَلَّغْتَ؟ فيقول: نعم أي ربِّ! فيقول لأمته: هل بلَّغكم؟ فيقولون: لا، ما جاء لنا من نبي، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، وهو قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ والوسط: العدل، فيُدعون، فيشهدون له بالبلاع، ثم أشهد عليكم] (١).
الحديث الثاني: أخرج أحمد في المسند والنسائي في السنن بسند صحيح عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبيّ ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك، فيُقالُ له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغَّكم هذا؟ فيقولون: لا، فيقال له: من يشهد لك، فيقول محمد وأمته... ] الحديث (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ٥٨)، وابن ماجة (٢/ ٥٧٣ - ٥٧٤)، والنسائي وغيرهم، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (٢٤٤٨).