فالتكذيب سمة ظاهرة في أقوام الرسل جميعهم، وهذا ما كان من قريش أيضًا في بادئ الأمر حين أظهر النبي - ﷺ - دعوته.
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم - واللفظ للبخاري - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [لما نزلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ صَعِدَ النبي - ﷺ - على الصفا فجعل ينادي: يا بني فِهْر، يا بني عَدِيّ لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرجَ أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أنَّ خيلًا بالوادي تريد أن تغيرَ عليكم أكنتم مصدقيَّ؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقًا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تَبًّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ (١).
٧ - ١٠. قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠)﴾.
في هذه الآيات: إثبات الله بشرية ورجولة الأنبياء، وضرورة الرجوع عند الخلاف وسوء الفهم لأهل العلم، وإثبات العاقبة والنصر للمرسلين، والخزي والذل على الكافرين. وهذا الكتاب فيه ذكركم - معشر العرب - أفلا تعقلون.
فقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾. ردٌّ على من استبعد كون الرسل من البشر.
أي: لقد سبق - يا محمد - في الأمم التي خلت قبل أمتك رسل أوحى الله إليهم لينذروا قومهم، فما الذي دعاهم لإنكار إرسال الله إليك لهم.