لعلكم تسألون عن الحيل التي كنتم تتعاملون بها في بيعكم وشرائكم وتجارتكم، وعن طرق التلاعب بالأسعار وسبل الرشوة والاحتكار.
أخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - ﷺ - قال: [خمسٌ بخمس: ما نقض قوم العهد إلا سُلِّطَ عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طفَّفوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر] (١).
وله شاهد عن ابن ماجة والبزار والبيهقي - واللفظ له - بسند صحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - ﷺ - قال: [يا معشر المهاجرين خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سُلِّطَ عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جُعل بأسهم بينهم] (٢).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾. اعتراف منهم بما كانوا عليه من الذنوب والآثام، ولكن بعدما فات وقت الندم وحاق بهم الخسران.
وقوله تعالى: ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾.
قال قتادة: (يقول: حتى هلكوا). والمقصود: ما زال ذلك الاعتراف والتأنيب لأنفسهم حتى سكنت حركتهم، وانطفأت شرارتهم، وصاروا همودًا لا حراك لهم.
١٦ - ٢٠. قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ
(٢) حديث صحيح. رواه ابن ماجة (٤٠١٩)، والبيهقي (٣/ ٣٤٦)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٣٣٣ - ٣٣٤)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٠٦).