أن تَئِطَّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضعٌ جبهته لله تعالى ساجدًا، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصُّعُدات تجأرون إلى الله] (١).
وله شاهد عند ابن نصر في "الصلاة" من حديث عائشة مرفوعًا: [ما في السماء الدنيا موضع قدم، إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، فذلك قول الملائكة: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾، ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾، ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾].
وشاهد آخر عنده من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: (بينما رسول الله - ﷺ - مع أصحابه رضي الله عنهم إذ قال لهم: هل تسمعون ما أسمع؟ قالوا: ما نسمع من شيء. قال: إني لأسمع أطيط السماء، وما تُلام أن تَئِطَّ، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد، أو قائم].
٢١ - ٢٥. قوله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)﴾.
في هذه الآيات: استخفافُ الله بآلهة القوم لا تحيي ولا تميت، فلو كان في السماء والأرض آلهة غير الله معبودون لفسدتا، والله تعالى لا يُسأل عما يفعل وجميع خلقه يُسألون. فالمشركون مدعوون لإثبات استحقاق آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع أن تُعبد ولكنهم بعبادتهم جاهلون. والله تعالى هو الذي بيده النفع والضر وحده، فهو المستحق للعبادة ولكن أكثرهم لا يعلمون.
فقوله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ﴾ - استهزاء بآلهة لا تحيي ولا تميت.