كانت السماوات والأرض في التصاق ففتق هذه من هذه، فجعل السماوات سبعًا، وفصل بين سماء الدنيا والأرض بالهواء، فإذا السماء تمطر بإذنه تعالى، وإذا الأرض تنبت بإذنه، وقد جعل من الماء حياة كل شيء من خلقه أفلا يؤمنون.
وجعل في الأرض الجبال تثبيتًا لها وكذلك المسالك بين الجبال يهتدون عليها في أسفارهم ومعايشهم، والسماء سقفًا موفوعًا محفوظًا من الشياطين، وكثير من الناس عن هذه الآيات والنعم الكبيرة معرضون. وهو الذي خلق الليل والنهار وكذلك الشمس والقمر وكل في دوران منتظم يجرون.
فعن ابن عباس: (قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾... الآية، يقول: كانتا ملتصقتين، فرفع السماء ووضع الأرض). قال: (كانتا ملتزقتين، ففتقهما الله). وقال قتادة: (كانتا جميعا، ففصل الله بينهما بهذا الهواء).
قال القاسمي: (وقال بعض علماء الفلك في تفسير هذه الآية: ﴿وَهِيَ دُخَانٌ﴾ (١) أي ذرات، أي غازات أي سديم. ثم تجاذبت كما يتجمع السحاب فصارت كتلة واحدة. مصداقًا لقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا﴾ أي كتلة واحدة. فدارت ثم تقطعت وتفصلت بالقوة الدافعة، فتكونت الأرض والسماوات، تصديقًا لقوله تعالى: ﴿فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ أي فصلناهما، فصارتا كرات من الماء في يومين. ثم قال: وفي هذا الوقت كان عرشه على الماء. أي كان ملكه وسلطانه على الماء والله أعلم).
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾.
أي: وأحيينا بالماء كل شيء يرونه في هذه الحياة الدنيا من البشر والبهائم والزروع والثمار والأشجار وغير ذلك. أفلا يدعوهم ذلك إلى أن يصدقوا ربهم تعالى الإيمان! ؟.
وعن قتادة: (﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ قال: كل شيء حي خُلِق من الماء).