قال ابن جرير: (وقوله: ﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ يقول: أفلا يصدّقون بذلك، ويقرّون بألوهة من فعل ذلك ويفردونه بالعبادة).
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ﴾.
أي: وكذلك جعلنا في الأرض الجبال الشامخات الثابتات كيلا تتكفأ الأرض بالناس. والرواسي: جمع راسية، وهي الثابتة. قال قتادة: (رواسي: أي جبالًا). قال: (كانوا على الأرض تمور بهم، لا تستقرّ، فأصبحوا وقد جعل الله الجبال، وهي الرواسي أوتادًا للأرض).
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾. الفجاج: المسالك، واحدها فجّ. أي: وكذلك جعلنا في الأرض مسالك بين الجبال يتحركون عليها لحاجاتهم ومعايشهم، ويهتدون أثناء السير فيها إلى أسفارهم.
قال ابن عباس: (﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا﴾ سبلًا، قال: بين الجبال). وقال قتادة: (﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا﴾: أي أعلامًا. وقوله: ﴿سُبُلًا﴾ أي طرقًا، وهي جمع السبيل).
قال ابن كثير: (وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا﴾، أي: ثغرًا في الجبال يَسْلُكُون فيها طُرُقًا من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ، وإقليم إلى إقليم، كما هو المشاهد في الأرض، يكون الجَبَلُ حائلًا بين هذه البلاد وهذه البلاد، فيجعل الله فيه فجْوَةً لغيره، ليَسْلُكَ الناسُ فيها من هاهنا إلى هاهنا، ولهذا قال: ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾).
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾. قال مجاهد: (مرفوعًا). وقال قتادة: (سقفًا مرفوعًا، وموجًا مكفوفًا). والمقصود: ومن آياتنا كذلك أن جعلنا السماء سقفًا على الأرض كالقبة عليها ﴿مَحْفُوظًا﴾ عاليا محروسًا من أن يُنال. قال ابن جرير: (يقول: حفظناها من كل شيطان رجيم).
وقوله: ﴿وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾. قال مجاهد: (الشمس والقمر والنجوم آيات السماء). أي: وهم عن هذه الآيات العظيمة التي تحويها السماء ذات الاتساع الكبير والارتفاع الشاهق المثير، من كواكب ونجوم، وشمس وقمر، ومجرات وأفلاك، ذات حركة ودوران، ومسارات لها انتظام، لا يتفكرون في بارئها وصانعها،