وقال ابن زيد: (نبلوهم بما يحبون وبما يكرهون، نختبرهم بذلك لننظر كيف شكرهم فيما يحبون، وكيف صبرهم فيما يكرهون). وعن علي عن ابن عباس: (قوله: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ﴾ يقول: نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحوام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلالة، وقوله: ﴿وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ يقول: وإلينا يُردّون فيجازون بأعمالهم، حسنها وسيئها).
٣٦ - ٤٠. قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٦) خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠)﴾.
في هذه الآيات: استهزاء المشركين بالرسول وهم أحق أن يُستهزأ بهم. والإنسان خُلق من عَجَل والكفار المستعجلون للعذاب سيرون ما ينزل بهم. وتقريبٌ من الله لهؤلاء المنكرين البعث والعذاب ما هم مقبلون عليه من العذاب المهين.
فقوله: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾.
قال القاسمي: (عُنِيَ بهذه الآية مستهزئو قريش، كأبي جهل وأضرابه ممن كان يسخر من رسالته صلوات الله عليه، ويتغيظ لسبّ آلهتهم وتسفيه أحلامهم).
وقوله: ﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ﴾. أي: فهم أحق أن يستهزأ بهم.
قال ابن جرير: (يقول: فيعجبون من ذكرك يا محمد آلهتهم التي لا تضرّ ولا تنفع بسوء ﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ﴾ الذي خلقهم وأنعم عليهم، ومنه نفعهم، وبيده ضرّهم، وإليه مرجعهم بما هو أهله منهم أن يذكروه به كافرون).
وفي التنزيل نحو ذلك:
قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١) إِنْ كَادَ