﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان: ٥]، وقول الذين قالوا: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾ [الفرقان: ٤]).
وقوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾. أي: بل يقولون اختلقهُ من تِلقاء نفسه.
وقوله: ﴿بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾. قال القرطبي: (كذبهم في دعوى الافتراء).
وقوله: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾.
قال قتادة: (كانوا أمَّةً أُمِّيَّةً، لم يأتهم نذير قبل محمد - ﷺ -).
قلت: والراجح أن العرب كانوا مطالبين بملة التوحيد - ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين - وإنما جدّد الله لهم البلاغ ببعثة محمد - ﷺ -، ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ إلى الحق الذي كان عليه الأحناف منهم ممن لزموا الدين الحق ولم يشاركوا قومهم في شركهم.
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر - رضي الله عنه -: [وقد صليتُ يا ابنَ أخي قبل أن ألقى رسول الله - ﷺ - بثلاث سنين. قلت: لمن؟ قال: لله. قلت: فأينَ توجه؟ قال: أتوجهُ حيث يوجهني ربي عز وجل، أصلي عشاءً حتى إذا كان من آخر الليل أُلقِيتُ كأني خِفاء - أي كساء - حتى تعلوني الشمس] (١).
وفي صحيح مسلم عن عمرو بن عبسة قال: [كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان] (٢).
وقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾.
أي: اللهُ تعالى هو الذي أبدعَ السماوات والأرض فأوجدها من العدم في ستة أيام، فهو المعبود جل ثناؤه الذي لا تصلح العبادة إلا لهُ أيها الناس.
قال قتادة: (يقول: ما لكم أيها الناس إله إلا من فعل هذا الفعل، وخلقَ هذا الخَلْقَ العجيب في ستة أيام).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله - ﷺ - بيدي فقال: [خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٤٧٣)، كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل أبي ذر، - رضي الله عنه -. وانظر تفصيل الحديث والبحث في كتابي: السيرة النبوية (١/ ١٨٩ - ١٩٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨٣٢)، كتاب صلاة المسافرين. باب إسلام عمرو بن عبسة.


الصفحة التالية
Icon