المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخرِ ساعةٍ من ساعاتِ الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل] (١).
وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾. أي: علا وارتفع على العرش بعد خلقه السماوات والأرض وما بينهما.
وقوله: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾. قال ابن كثير: (أي: بل هو المالك لأزمَّةِ الأمور، الخالقُ لكل شيء، المدبِّرُ لكل شيء القادرُ على كل شيءٍ، فلا وَليَّ لِخَلْقِهِ سواه، ولا شفيعَ إلا من بعدِ إذْنِهِ. ﴿أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾، يعني: أيها العابدون غيرهُ، المتوكِّلون على مَنْ عَداه، تعالى وتقدَّسَ وتنزَّهَ أَنْ يكونَ لهُ نظيرٌ أَو شريكٌ أَو ندِيْدٌ، أو وَزير أو عَديل، لا إله إلا هو، ولا ربَّ سواه).
وقوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾.
قال مجاهد: (النزول من الملك في مسيرة خمس مئة عام، وصعوده في مسيرة خمس مئة عام، ولكنه يقطَعُها في طَرْفة عَين).
والمقصود: ينزل أمر الله تعالى من أعلى السماوات إلى أقصى تخُوم الأرض السابعة، ثم تُرفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا، في مسافة هي مسيرة خمس مئة سنة مما نَعُدُّ من السنين في الصعود والهبوط، إلا أن المَلكَ يقطعها بإذن الله في لحظة.
قلت: والآية دليل صريح على علو الله تعالى على جميع خلقه، فإن الأمر ينزل من عنده من السماء إلى الأرض ثم ترفع تقارير أعمال العباد إليهِ جل ثناؤه.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠].