أخرج الحاكم بسند صحيح عن ابن عمر قال: قال رسول الله - ﷺ -: [اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تصعدُ إلى الله كأنها شرارة] (١).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
تهديد ووعيد. أي: فإن الذي يفعلُ ما وُصف لكم في هذه الآيات هو عالمُ الغيبِ، الذي يعلم ما غاب عن أبصاركم أيها الناس، فلستم تبصرونه مما تكنّه الصدور، وتخفيه النفوس، وهو عالم الشهادة مما شاهدته الأبصار في كل أرجاء الكون، ﴿الْعَزِيز﴾ في انتقامه ممن كفر به، وكذب رسله. ﴿الرَّحِيمُ﴾ بمن أناب إليه وتاب من كفره ومعصيته، واتبعَ منهاج رسله. فأخلصوا إليه أفعالكم وأقوالكم أيها الناس، فإن الثواب والعقاب بين يديه يوم ترجعون إليه.
وقوله: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾. قال مجاهد: (أتقن كل شيء خلقه).
وقوله: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾. أي: وبدأ خلق آدم من طين.
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إنَّ الله خلَقَ آدمَ مِنْ قُبْضَةٍ قَبَضَها مِنْ جميعِ الأرض، فجاء بنو آدمَ على قَدْرِ الأرض، فجاءَ منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبين ذلكَ، والسَّهلُ، والحَزْنُ، والخبيثُ، والطيب] (٢).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾. قال ابن عباس: (﴿مِنْ سُلَالَةٍ﴾: صفو الماء). وقال قتادة: (السلالة: هي الماء المهين الضعيف).
وعن مجاهد: ﴿مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ قال: ضعيف نطفة الرجل، ومهين: فعيل من قول القائل: مهن فلان، وذلكَ إذا زلَّ وضعف).
والمقصود: ثم جعل سبحانه ذرية آدمَ يتناسلون كذلكَ من نطفة تخرجُ من بين صُلب الرجل وتَرائب المرأة.

(١) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (١/ ٢٩)، والديلمي في "المسند" (١/ ١/ ٤٢ - ٤٣)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٨٧١).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣١٤٣)، في التفسير، من سورة البقرة. وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٣٥٥)، ورواه أحمد (٤/ ٤٠٦)، وابن حبان (٢٠٨٣ - ٢٠٨٤).


الصفحة التالية
Icon