وقوله: ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ﴾. يعني آدم لما خلقه تعالى جعلهُ سويًّا مستقيمًا، ثم نفخ فيه من روحه.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ثم سوّى الإنسان الذي بدأ خلقهُ من طين خلقًا سويًا معتدلًا، ونَفَخَ فيهِ مِنْ روحِه فصارَ حَيًا نَاطِقًا).
وقوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾.
أى: وجعل لكم سبحانهُ الأسماع والأبصار والعقول لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا ثم أنتم لا تشكرونه تعالى على نعمه إلا قليلًا، كما قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣].
وفي جامع الترمذى بسند صحيح عن أبي هريرة، وعن أبي سعيد قالا: قال رسول الله - ﷺ -: [يُؤتى بالعبدِ يومَ القيامةِ فيقولُ له: ألَمْ أجْعَل لكَ سمعًا وبَصَرًا، ومالًا وولدًا، وسخّرتُ لك الأنعام والحَرْثَ، وتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ وترْبَعُ، فكنت تَظُنُّ أنكَ مُلاقىَّ يَوْمَك هذا؟ فيقول: لا. فيقول له: اليومَ أنساكَ كما نسيتني] (١).
١٠ - ١٤. قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)﴾.
في هذه الآيات: إنكارُ المشركين البعث بعد الموت، ونَعْتُ الله حال المجرمين في أرض المحشر، وهم أذلاء يسألون الرجعة ليكونوا مؤمنين. وقد خيّب الله آمالهم