تعالى: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧].
وفي الصحيحين من حديث أبي ذر أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول: [ليسَ من رجل ادّعى لِغيرِ أبيهِ وهو يَعْلَمُهُ، إلا كفر] (١).
وفي صحيح البخاري من حديث البراء مرفوعًا - لما اعتمر النبي - ﷺ - عمرة القضاء - وفيه: [فتبعته ابنةُ حَمْزَةَ تُنادي: يا عَمِّ يا عَمِّ، فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام: دونكِ ابنة عمِّك، حَمَلتْها، فاختصمَ فيها علي وَزيدٌ وجعفرٌ فقال عليٌّ: أنا أخذتها وهي بنتُ عمِّي، وقال جعفرٌ: هي ابنةُ عمي وخالتُها تحتي - يعني أسماء بنت عميس -، وقال زيْدٌ: بنتُ أخي، فقضى بها النبي - ﷺ - لخالتِها وقال: الخالةُ بمنزلةِ الأم. وقال لعلي: أنت مني وأنا مِنْك. وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخُلُقي. وقال لزيد: أنتَ أخونا ومولانا] (٢).
قال الحافظ ابن كثير معقبًا على هذا الحديث - وقد ذكره عند تفسير هذه الآية -: (ففي هذا الحديث أحكامٌ كثيرةٌ من أحسنها أنه - ﷺ - حَكَمَ بالحق، وأرضى كُلًّا من المتنازعين، وقال لزيد: "أنتَ أخونا ومولانا"، كما قال تعالى: ﴿فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾).
وقوله: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. أي: ما كان من نسب أحدكم بعضهم لغير أبيهِ خطأ بعد استفراغ الوسع والاجتهاد فلا حرج فيه. قال قتادة: (﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ يقول: إذا دعوت الرجل لغير أبيهِ، وأنت ترى أنه كذلك ﴿وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ يقول الله: لا تدعه لغير أبيه متعمدًا. أما الخطأ فلا يؤاخذكم الله به).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].
وقد ثبت في صحيح مسلم ومسند أحمد أن الله تعالى قال: (قد فعلت).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٥٠٨)، ومسلم (٦١) - واللفظ له - كتاب الإيمان.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٢٥١)، كتاب المغازي، باب عمرة القضاء. وأخرجه أحمد (٤/ ٢٩٨)، وابن حبان (٤٨٧٣) من حديث البراء مطوّلًا.


الصفحة التالية
Icon