الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٦)}.
في هذه الآية: تقديمُ الله تعالى لرسوله - ﷺ - ليقدمهُ المؤمنون على أنفسهم، وتأكيدُ التوارث بالقرابات بدلًا من التوارث بالحلف والأخوة في الدين كما كان الأمرُ أول الإسلام، ويبقى النصر والبر والصلة - بين الإخوان - والإحسان.
فقوله: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ - تقديم من الله لرسوله ليكونَ مقدمًا عند المؤمنين على أنفسهم لكونه أرحم بهم وأشفق وأنصح لهم.
قال مجاهد: (هو أب لهم). وَرُوي أنه في بعض القراءة "وهو أبٌ لهم". وقال ابن زيد: (كما أنتَ أولى بعبدكَ، ما قضى فيهم من أمر جاز).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].
ومن صحيح السنة العطرة في آفاق ذلكَ أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي اللهُ عَنْهُ، عن النبي - ﷺ - قال: [لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ مِن والِدهِ وولده والناس أجمعين] (١).
الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - ﷺ -: [مِنْ أشدِّ أمَّتي لي حُبًّا، ناس يكونون بعدي، يودُّ أحدهم لو رآني بأهله ومالِه] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن هشام قال: [كُنّا مع
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٤٥)، وله شاهد في مسند أحمد (٥/ ١٥٦) صححه الألباني في سلسلةِ الأحاديث الصحيحة (١٤١٨).