بين أصحابه وورث بعضهم من بعض، حتى نزلت: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٥]. فتركوا ذلكَ وتوارثوا بالنسب] (١).
والمقصود: القرابات أولى بالتوارث ﴿فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ أي: في حكم الله، من التوارث بالحِلف وأخوة الدين كما كان عليهِ الأمرُ أول الإسلام، لمَّا آخى النبي - ﷺ - بين المهاجرين والأنصار، فنسخ الله تعالى ذلكَ بهذه الآية. قال ابن عباس: (كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه، للأخوة التي آخى بينهما رسول الله - ﷺ -)..
وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾. قال ابن زيد: (إلا أن توصوا لهم). قال ابن كثير: (أي: ذهَبَ الميراث، وبَقي النصر والبرُّ والصِّلة والإحسان والوصية).
وقوله: ﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾. قال ابن زيد: (أي: أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله). والمقصود: هذا الحكم من التوارث بالنسب مسطور في اللوح المحفوظ لا يبدل ولا يغيّر، وإنما شرع تعالى خلافَهُ لحكمة في مدة محدّدة، ثم رَجَعَ الأمر إلى ما هو مكتوب في الكتاب الأزلي لا تبديل لكلمات الله.
٧ - ٨. قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٨)﴾.
في هذه الآيات: أَخْذُ الله تعالى العهد على النبيين بتبليغ الرسالة وإقامة الدين، وسيسأل سبحانهُ عباده عن الصدق في حمل الأمانة، وأعدّ للكافرين العذاب الأليم.
فقوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ﴾. قال القاسمي: (أي أخذنا عهودهم بتبليغ الرسالة والدعاء إلى الحق والتعاون والتناصر والاتفاق وإقامة الدين وعدم التفرق فيه).
وفي التنزيل نحو ذلك. قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ