كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٨١].
وقوله: ﴿وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾.
هؤلاء أولو العزم من الرسل، وخصّ من بينهم نبينا محمدًا - ﷺ - بالبداية لشرفه - ﷺ - في الدنيا والآخرة، ثم رتّبهم حسب تعاقبهم.
أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدمَ ولا فَخْرَ. وأنا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الأرضُ عَنْهُ يوم القيامةِ وَلا فخْرَ. وأنا أَوَّلُ شافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ولا فَخْرَ. ولواءُ الحمدِ بيدي يومَ القيامةِ ولا فَخْرَ] (١).
فالآية بدأت بالحديث عن النبيين ثم جاء التخصيص لأولي العزم منهم وعلى رأسهم أشرفهم وخاتمهم.
قال أبو السعود: (وتخصيصهم بالذكر، يعني قوله: ﴿وَمِنْكَ﴾ إلخ مع اندراجهم في النبيين، للإيذان بمزيد مزيتهم وفضلهم وكونهم من مشاهير أرباب الشرائع وأساطين أولي العزم. وتقديمُ نبينا عليهم، عليهم الصلاة والسلام، لإبانة خطره الجليل).
وقوله: ﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾. قال ابن عباس: (الميثاق الغليظ: العهد).
وقال قتادة: (ميثاق أخذه الله على النبيين، خصوصًا أن يصدّق بعضهم بعضًا، وأن يتبعَ بعضهم بعضًا).
وقوله: ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾. قال مجاهد: (المبلغين المؤدين من الرسل).
وقوله: ﴿وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا﴾. قال ابن جرير: (يقول: وأعدّ للكافرين بالله من الأمم عذابًا موجعًا).
٩ - ١١. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٣٠٨)، كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة. وانظر صحيح سنن ابن ماجة - حديث رقم - (٣٤٧٧).


الصفحة التالية
Icon